أنـا المصــري... وجهات
نظر متعددة في الشخصية المصرية
هل "اللمبي" النموذج السائد؟
في المقال السابق (أنـا المصــري) الذي تم نشره هنا في مدونتنا "بذور"
تحت عنوان (أنـا المصــري… الشخصية المصرية في الشعر
والأغنية) تم عرض
وتوضيح كيف يرى بعض من الشعراء والمغنين الشخصية المصرية كما قدموها في أشعارهم
وأغانيهم. وقد تطرق المقال لأغاني وأشعار كل من: سيد درويش، عبد الرحمن الأبنودي، وجيه عزيز، سيد
حجاب، وبيرم التونسي.
وأكدنا في المقال أن الشعر والأغنية قد قدما الإنسان المصري الذي
انحدر وتدهور به الحال. من مجد وعظمة إلى ضعف وعوز وخيبة. وأن الشعراء والمغنين في
أشعارهم وأغانيهم، قاموا بِحَثْ المصري كي يتذكر ماضيه المجيد. وينظر حوله ليتعلم
وينهض ليصنع مستقبله الأفضل.
وقد أكدوا على أن المصري قادر على ذلك متى أراد.
أما في هذا المقال ( أنـا المصــري (2) )، فسوف نتعرف على آراء بعض
المفكرين والدارسين. كما سوف نقرأ عما يقوله بعض من الرواد الناشطين على مواقع
التواصل الاجتماعي حول وصفهم “للشخصية
المصرية“.
وسوف نحاول أن نجد إجابة للسؤال، هل "اللمبي"
هو النموذج السائد حاليًا للشخصية المصرية؟
هيا نستكمل رحلتنا… ( أنـا المصــري)
دكتور عزت حجازي، التفاوت في توزيع الثروة وأثره على الشخصية المصرية
قدم دكتور عزت حجازي، المشرف على بحث الخريطة الاجتماعية لمصر في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، كتابه المُعَنْوَن بـ “ الفقر في مصر” الذي صدر عام 1996. ذكر فيه أنه ربما يكون الفقر الذي سببه سوء توزيع الثروات في البلاد، وهو الأمر الموجود منذ أقدم العصور، هو أحد أبرز الأوضاع الاجتماعية منذ القدم. فمنذ أن عرفت مصر الزراعة، سواء كنا في عصر وفرة ورخاء أو عصر قلاقل وفقر ونُدرة في الموارد، يكون من الواضح جليًا وجود تفاوت صارخ في توزيع الثروة وفرص الحياة بين فئات وطبقات الشعب المختلفة.
الأمر الذي يتسبب في عجز قطاعات عريضة من المصريين عن الحصول على الحد
الأدنى من متطلبات المعيشة. وهذا يعتبر من الحقائق الأساسية في واقعنا اليومي
المُعاش.
ويذكر د. عزت حجازي أن
"لهذا الانحراف الخطير والاستغلال والاستحواذ للطبقات المتسلطة في مصر، ومع ترسخ هذه الظاهرة طوال التاريخ، ظهرت نتائج بالغة الأهمية".
نذكر من هذه النتائج التالي:
- أظهر الباحثون والمحللون حدوث تشوه في "الشخصية المصرية"، وخصوصًا في ملامحها وسماتها الرئيسية.
- أكد الباحثون والمحللون أن ما تُظهره فئات
كثيرة من المصريين من تصرفات هو في الأساس ردًا على ما قابلوه وعانوا منه من
استغلال وقهر.
وقد شرح في كتابه ما يعنيه بكلمة "تشوهات" وفسره بأنه: ضعف روح المبادرة الإيجابية، نقص الثقة في السُلطة،
وسلبيات كثيرة أخرى.
أما فيما يخص استجابة المصريين للاستغلال والقهر فدكتور عزت حجازي يذكر، “أنهم
يشعرون بضعفهم في مواجهة القوة والسلطة، ويتحملون بدون حدود تقريباً. ويتحايلون
بالخداع والحيلة حين يكون ذلك ممكناً، ويتطرفون في العدوان والعنف حين تتاح لهم
فرصه”.
أي أن شخصية المصري عانت كثيرًا، وهي نتاج هذه المعاناة التي أنتجت
الكثير من العيوب والمساوئ في شخصياتهم…
هذا ما قاله متخصص عالم وباحث في علم الاجتماع وقارئ للتاريخ. فماذ
قال غيره؟
د. سامية خضر صالح، الشخصية المصرية.. تحديات الحاضر والمستقبل المنظور
وفي كتابها "الشخصية
المصرية.. تحديات الحاضر والمستقبل المنظور" تقول د. سامية
خضر صالح:
"جاء في كتاب وصف
مصر أن
المصري خجول بطبعه، وهو يتفادى الخطر بقدر ما يستطيع. لكنه ما أن يجد نفسه وسط
المخاطر بالرغم من حيطته، يبدي همة، ما كنت تظن في البداية أنها لديه. فليس ثمة ما
يساوي رباطة جأشه وفي نفس الوقت تواكله".
أي أن المصري تسكنه التناقضات، ولا تستطيع أن تحكم عليه بحكمٍ لأنك
ستتفاجئ أنه عكس ما حكمت. فهو الهادئ، الخجول، المهزار. ولكن عندما يجد الجد (حسب
تقديره) ويهجم الخطر، يفاجئك بأنه المارد الجبار والفارس المغوار.
د. جمال حمدان، عالم الجغرافيا الأشهر وصاحب موسوعة شخصية مصر
فالعالم والباحث العبقري يذكر أن "الإنسان المصري معتدل المزاج
بالطبع، وطبيعته التوسط في الأمور، وخير الأمور عنده الوسط"
ويذكر أن سبب ذلك من تأثير اعتدال المكان والمناخ الذي يعيش فيه الإنسان المصري ويتأثر به.
كما أنه يقول
"إن الطبيعة المصرية شبه النائمة، الرتيبة
المسالمة جواً وسماءً وصحراء، والأرض الوادعة بلا زلازل، طبع الناس على الوداعة
والبشاشة، ولكن أيضاً الكسل والمحافظة على القديم"
ودكتور جمال حمدان يؤكد على أن سلبية الإنسان المصري جعلته ينظر
للحكومة على أنها كل شيء في مصر. وأنه هو نفسه لا شيء. فكانت مصر كلها بالنسبة
للإنسان المصري هي “حاكمها”، وهو كمواطن يخضع تمامًا لحكمه. وأن أكثر ما يجيده
المصري في تعامله مع السُلطة هو نفاقها.
ويؤكد حمدان على ذلك بقوله في أكثر من موضع في كتاباته بأنه يوجد
إجماع بأن الشخصية المصرية تتميز بالاعتدال والتوسط، وأنها بعيدة عن التطرف. وهي
تحترم الأديان الأخرى بشدة. وأنها تواجه السلطة بالنفاق، وبالفهلوة. كما أن المصري
يؤمن بالأسرة وباحترام الكبير.
فهل اقتربت شخصية المصري التي يصفها الباحثون والعلماء في العلوم
الإنسانية والاجتماعية من شخصية اللمبي؟
أترك لكم الإجابة لأكمل بعض من باقي الآراء الكثيرة الأخرى….
السيد ياسين، الشخصية المصرية: ماذا كانت وماذا أصبحت
في مقالٍ بعنوان "الشخصية المصرية: ماذا كانت وماذا أصبحت." الذي نشره الكاتب والمفكر (السيد ياسين) داخل صفحات كتاب (الإنسان المصري وتحديات المستقبل). الصادر عن منتدى حوار الثقافات للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية في مصر. ذكر أن الشخصية المصرية في الأدبيات الإسرائيلية والغربية توصف بأنها شخصية تميل إلى الفردية، والاتجاهات السليبة إزاء الحقيقة والواقع.
وأن المصري لديه افتقار للتطوير. ولديه إيمان بالقدرية. وبالصبر
والتواكل أكثر من الواقعية.
وأنه أيضًا يميل إلى المرح والنكتة أكثر من الجدية.
لكنه ناقض هذا الكلام في نهاية مقاله وأكد أن حُكم التاريخ في حرب
أكتوبر 1973 أسقط الكثير من هذه الدعاوي والتحليلات التي قدمها كُل هؤلا عن
الشخصية المصرية. بعد أن أظهر المصري قدرته على العمل الجماعي، وأبان القوة
والتحدي، والإرادة، والتفكير التحليلي والتخطيطي لشخصيته.
ماذا قال رواد السوشيال ميديا عن الشخصية المصرية؟
وفي بحث في صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت الكثير من
المناقشات حول وصف الشخصية المصرية وتحديد سماتها. وكالمعتاد، فقد وجدت التناقض
الذي أسوقه إليكم هنا مقسمًا إلى صفات وسمات إيجابية كثيرة وأخرى سلبية أكثر:
أولاً: السمات والصفات الإيجابية التي تمتلكها الشخصية المصرية كما ذكرها بعض من رواد السوشيال ميديا
يصف الإنسان المصري نفسه على صفحات الفيسبوك بأنه إنسان: يحب المرح،
ويحب بلده جدًا حتى أنه يقال أن المصري يأخذ مصر معه أينما ذهب.
المصري خفيف الدم، يبدي الاهتمام بأسرته، كريم، حمال الهم، ومتسامح.
المصري مخلص، صبور، ويحب الخير للناس. وهو متواضع، ومتدين بالفطرة.
المصري يهمه الحفاظ على الشرف ولو على حساب حياته، وهو سريع البديهة،
ذكي وفطن. معروف عنه أنه لين العريكة. وهو واعي بما يدور حوله، وواسع الأفق، محب
للاستطلاع، طيب المعشر، ويعتبر نجدة للملهوف… إلخ. من الصفات الجميلة والعظيمة
الأخرى.
ثانيًا: الصفات والسمات السلبية لدى الشخصية المصرية التي ذكرها
الكثير هي:
- صفات أكثر ظهوراً وانتشارًا: أن المصري إنسان بطبعه غيور، يتكلم أكثر مما
يفعل، يجاري الآخرين، وهو مطية لأي سلطة كانت (رئيس، مدير، …إلخ.). المصري
اتكالي، ليس لديه التزام فعلي بالقيم التي ينادي بها إلا في وجود سلطة رقيبة
عليه.
- سمات وصفات متوسطة الظهور: أن
المصري يقلق غالبًا، وهو عنيد يحب السير عكس ما هو مضطر إليه حتى وإن كان خطأ.
- صفات قليلة الظهور والشيوع: أن المصري انسان كسول وفوضوي. يحب التسلط
(فهو جذوره فرعونية)، حزين أغلب الوقت في مشاعره (ولعل هذا يفسر سر نجاح
الاغانى الحزينة عندنا)، ولا يثق فى الأخرين، ( ولهذا اتنتشر نظرية
المؤامرة)، والمصري يميل للتفكير البدائي الخرافى، وهو انتهازى يغتنم الفرص،
علاقاته مع الأخرين غالبًا ما تكون معقدة وليست بسيطة، المصري انطوائي
وانعزالي، وحقود لدرجة ما.
وأخيرًا، ذكر البعص صفات ربطوا ظهورها
وانتشارها بفترة الانفتاح في السبعينات:
المصري فهلوي، متصلب الرأي، متواكل، ضعيف
التوجه العلمى، حساس بشدة، انتهازي، لا يتحمل المسئولية، متبلد العواطف الأسرية
إلى حد ما، متليف الضمير أو “ضميره نايم حسبما ومتى يريد”، سلبي وغير مبالي، يميل
للتبرير وطرح الأسباب والشكوى، غارق فى الغيبيات ويلجأ للقوى العليا عند الازمات
أكثر من اعتماده على نفسه، لديه ازدواجية في المعايير وغالباً ما يخالف قوله فعله
والعكس.
ويبقى السؤال يحتاج لإجابة… هل "اللمبي" هو النموذج السائد حاليًا للشخصية المصرية؟
ربما نجيب عن السؤال في مقال قادم
وختامه شعر،،،
يقول عم الشعراء صلاح جاهين في حُب مصر والمصريين بنفس ما نحمله من تناقض
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
على اسم مصر
اقرأ أيضًا
#المصري، #أنا_المصري، #صلاح_جاهين، #السيد_ياسين، #الشخصية_المصرية
#جمال_حمدان، #عزت_حجازي، #سامية_خضر، #اللمبي
تعليقات
إرسال تعليق