تأملات في الخوف
ما الخوف؟
(1) عندما كنا صغارًا …
كانت أمي تخيفني بقولها: إذا مسمعتش الكلام هخلي أبو
رجل مسلوخة ياكلك، ومنذها وأنا قد بحثت عن كل من أرجلهم مسلوخة وصاحبتهم!
ومُعلمتي كانت تخيفني بقولها: إذا مسمعتش الكلام هدخلك أوضة
الفيران، ومنذها وأنا من شدة الفقر صديق لكل فأر!
كان أخوتي الكبار يخيفونني بقولهم: هنطفي النور
ونسيبك لوحدك في الضلمة، ومنذها أصبح الظلام رفيق عمر والنور ضيف غير مرغوب
فيه!
وأبي كان يخيفني بقوله: مين خاف سلم. والباب اللي يجيلك منه
الريح… سده واستريح، ومنذها وأنا أفتح كل الأبواب والشبابيك، وأطلب دائمًا الحرب،
وأظل أشتبك في الحديث مع كل أحد، وأي أحد!
وكانت أمي تخيفني بتهديدها: لو مسكتش هوديك للدكتور
تاخد الحقنة، ومنذها وأنا لا تفارقني الإبرة، أشكشك بها نفسي إذا ما
أخطأت، أو تذكرت أني كنت على وشك الخطأ أو حتى نسيت!
(2) عندما كبرنا …
أحببت، وأحببت، وأحببت … وكان الخوف في كل مرة من فشلِ أو
نهايةِ هذا الحب. ومنذها فشلت، ثم فشلت، وفشلت. وانتهت كل قصص الحب التي عشتها.
وأصبحت لا أخاف إلا من أن مجددًا أحب!
أصدقائي يخيفونني دومًا من غدر أعدائي. ومنذها وأنا منتبه جدًا
لأفعال وسلوكيات كل أصدقائي نحوي. أما أعدائي فيكفي معرفتي بهم ولهم، ومعرفتهم بي
ولي حتى لا نخاف بعضنا البعض!
كنت أخاف الفراق صغيرًا، والآن أنا قد فارقت الجميع!
من كثرة الصمت أصبحت أخاف الكلام. ومن كثرة الألم أصبحت أخاف
الأفراح. ولكثرة المشكلات أصبحت أخاف إيجاد الحلول. ومن كثرة الضيق أصبحت أخاف
الاتساع. ولكثرة الزحام أصبحت أخاف البراح. ومن كثرة الضوضاء أصبحت أخاف الهدوء.
ولكثرة السقوط أصبحت أخاف النهوض والوقوف. ومن كثرة الهزيمة أصبحت أخاف النصر.
ولكثرة العداء والعداوة أصبحت أخاف الصداقة. ومن كثرة التجاهل أصبحت أخاف الإقبال
والاهتمام. ولكثرة البكاء أصبحت أخاف الابتسام والضحك.
ومن كثرة الخوف
أصبحت…
أخااااف..
اقرأ أيضًا
رُعب... قصة قصيرة لأسامة الأديب
لولا دا سيلفا،،، "الرئيس كما يجب أن يكون" أو هكذا تُدار الأمم
تعليقات
إرسال تعليق