التجربة الدنماركية ... كيف ندمج التعاطف والذكاء العاطفي في العملية التعليمية بمصر؟

 

إدماج التعاطف في التعليم: التجربة الدنماركية وإمكانات تطبيقها في المدارس المصرية


في عالم يزداد تعقيدًا وضغوطًا يومًا بعد يوم، لم يعد التعليم مجرد وسيلة لنقل المعرفة الأكاديمية، بل أصبح مسؤولًا أيضًا عن إعداد جيل قادر على التواصل الإنساني، إدارة المشاعر، والتعامل مع التحديات الاجتماعية. ومن أبرز التجارب الملهمة في هذا المجال ما اعتمدته الدنمارك، حين جعلت التعاطف جزءًا رسميًا من المناهج الدراسية للأطفال من سن 6 إلى 16 عامًا.

التجربة الدنماركية ... كيف ندمج التعاطف والذكاء العاطفي في العملية التعليمية بمصر؟


التجربة الدنماركية: "وقت الصف " Klassens Tid

في الدنمارك، يشارك التلاميذ أسبوعيًا في حصص خاصة تُعرف باسم KlassensTid  أي وقت الصف.  هذه الحصص ليست مادة تقليدية، بل مساحة مفتوحة للطلاب من أجل:

  • الحديث عن مشاعرهم وتجاربهم اليومية.
  • مناقشة الخلافات وحل النزاعات بطرق سلمية.
  • تعزيز الثقة والروابط بين الزملاء.
  • تطوير القدرة على الإصغاء والتعاطف مع الآخر.

ويُنظر إلى هذه المبادرة باعتبارها جزءًا من فلسفة تعليمية تؤكد أن التعلم لا يقتصر على العقل، بل يشمل القلب أيضًا.

العلاقة بين التعاطف والذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) يُقصد به القدرة على:

  1. الوعي بالذات:  فهم مشاعري وتحديدها.
  2. إدارة الذات:  ضبط الانفعالات والتصرف بحكمة.
  3. الوعي بالآخرين (التعاطف):  فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها.
  4. إدارة العلاقات:  بناء علاقات صحية قائمة على الاحترام والتعاون.

إذن، التعاطف ليس عنصرًا إضافيًا بل ركيزة أساسية في الذكاء العاطفي. وتنميته منذ الصغر تعني إعداد طلاب قادرين على:

  • مقاومة التنمّر.
  • حل المشكلات بشكل إيجابي.
  • الحفاظ على صحة نفسية أفضل.
  • بناء مجتمع أكثر تماسكًا وانسجامًا.
إدماج التعاطف في التعليم: التجربة الدنماركية وإمكانات تطبيقها في المدارس المصرية

لماذا نحتاج هذه التجربة في مصر؟

المدارس المصرية تواجه تحديات متزايدة مثل:

  • ارتفاع معدلات التنمّر بين الطلاب.
  • ضغوط نفسية بسبب كثافة المناهج والامتحانات.
  • ضعف مهارات التواصل والحوار بين الطلاب.
  • التركيز الكبير على التحصيل الأكاديمي مقابل إهمال التربية الوجدانية.

إدماج حصص لتعزيز التعاطف والذكاء العاطفي يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في التعليم المصري، حيث يساهم في تكوين أجيال أكثر وعيًا، تعاونًا، وسعادة.

خطوات عملية لتطبيق التجربة في المدارس المصرية

1-     تخصيص وقت أسبوعي ثابت

  • إدراج حصة أسبوعية ضمن الجدول الدراسي باسم "وقت الصف".
  • لا تكون مادة للامتحان، بل مساحة للحوار والأنشطة الوجدانية.

2-     تدريب المعلمين

  • عقد برامج تدريبية حول الذكاء العاطفي ومهارات إدارة الحوار.
  • تزويد المعلمين بأدوات عملية لتيسير النقاش بين الطلاب.

3-      أنشطة عملية داخل الحصة

  • دوائر النقاش: يجلس الطلاب في دائرة لمشاركة مشاعرهم.
  • تمثيل أدوار: لعب أدوار لمحاكاة مواقف حياتية وكيفية التعامل معها.
  • قصص ملهمة: استخدام القصص الدينية والتاريخية والأدبية لتعزيز قيم الرحمة والتعاطف.
  • تمارين الاستماع النشط: تدريب الطلاب على الإصغاء للآخر دون مقاطعة.

4-     إشراك الأسرة

  • عقد ورش توعية لأولياء الأمور حول أهمية الذكاء العاطفي.
  • تقديم نصائح عملية للأهل لممارسة التعاطف داخل البيت.

5-     استخدام التكنولوجيا

  • الاستفادة من التطبيقات التعليمية التفاعلية التي تتيح مشاركة المشاعر أو تقييم الحالة المزاجية يوميًا.

6-     ربط التعاطف بالأنشطة المجتمعية

  • تشجيع الطلاب على المشاركة في مبادرات خيرية أو زيارات لمستشفيات الأطفال وكبار السن.
  • غرس قيمة أن التعاطف عمل وسلوك، وليس مجرد شعور.

خاتمة

التجربة الدنماركية تقدم لنا نموذجًا ملهمًا في كيفية جعل المدرسة مكانًا لتعليم الإنسان قبل تعليم الدروس.  إن إدماج التعاطف ضمن المناهج يعزز الذكاء العاطفي ويخلق بيئة مدرسية أكثر إيجابية وأمانًا.
وفي مصر، يمكن لهذه الخطوة أن تكون مدخلًا لإصلاحات تعليمية أوسع، تجعل من الطالب ليس مجرد متلقٍ للمعرفة، بل إنسانًا متوازنًا قادرًا على بناء مجتمع أفضل.

اقرأ أيضًا

ألف الوصل وهمزة القطع  ... ما الفرق بينهما؟

نظرية فيثاغورس في الرياضيات

أهمية تعلم اللغة الإنجليزية

كيف أحفظ الدروس بسهولة ويسر؟

تطوير التعليم يبدأ من التربية على المواطنة



تعليقات