التطوع: تعريفه، أهميته وفوائده، وكيف يمكن أن نتطوع

التطوع،،، حياة للشعوب … يحتفل العالم في اليوم الخامس من شهر ديسمبر في كل عام بيوم التطوع العالمي. أو بما يعرف بـ "اليوم الدولي للمتطوعين "IVD وذلك منذ أن أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1985. وقد تم وضع هذا اليوم العالمي للاحتفاء بالتطوع والاحتفال بالمتطوعين حول العالم. ولتقديم الشكر لهم على ما بذلوه، ويبذلونه، وسوف يقدموه من جهد ومال وخبرة ومجهود دون مقابل للآخرين حول العالم.

ولا يقتصر الأمر فقط على الاحتفال وتقديم الشكر والشعور بالامتنان لهؤلا الذين بذلوا الكثير من وقتهم وجهدهم وربما أموالهم في التطوع. ولكن أيضًا لكي يتم رفع الوعي للجماهير والشعوب بمعنى ومغزى التطوع. وأهميته ومدى مساهمته في المجتمعات والأوقات المختلفة. وخاصةً في أوقات الأزمات والكوارث والأوبئة والحروب. وان التطوع،،، حياة للشعوب

وأكثر المهتمين والمحتفين بهذا اليوم وبنشر ثقافة التطوع هم المنظمات والمؤسسات غير الحكومية. تلك المنتشرة في جميع أنحاء بلدان العالم. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الصليب الأحمر، الهلال الأحمر، الكشافة، ومنظمات وهيئات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة. مثل البرنامج العالمي للسلام والتنمية.

ما هو التطوع؟

التطوع يُعرف بأنه أي عمل أو جهد يمكن للإنسان أن يبذله أويقدمه بدون أن يحصل على مقابل مادي له. وهذا الشخص الذي يُطلق عليه لقب “متطوع” يقوم بهذا العمل بدافع المسئولية الشخصية نحو المجتمع الذي يعيش فيه ونحو الأسرة الإنسانية.

فالمتطوع يقدم خدمة إنسانية في المقام الأول سواء ببذل الجهد والوقت. أو بتقديم المال والخبرة في المجالات الإنسانية التي يرغب في المساهمة فيها داخل أو خارج مجتمعه ووطنه. فهناك أطباء في أوقات الكوارث والأوبئة والحروب والثورات يتقدمون الصفوف طوعًا لا جبرًا. لكي يساهموا بعلمهم وجهدهم ووقتهم في مداواة المصابين والجرحى والمرضى. وهناك شركات أدوية أو مؤسسات خيرية تقدم الأغذية والأدوية لهؤلا المنكوبين. وشركات مقاولات قد تتطوع بإزالات أو ببناء في المناطق المنكوبة بزلازل أو أعاصير لتسكين المشردين والذين فقدوا مساكنهم، وهكذا.

فالتطوع لا حدود له، ويمكن أن يشمل كل المجالات وجميع الخبرات والأشخاص القادرين. وأضعف الإيمان فيه هو التبرع بالمال لتوفير الاحتياجات المختلفة للمحتاجين.

والآن، ما هي الفوائد التي تعود على الأفراد وعلى المجتمعات من التطوع؟

يوجد للتطوع عددًا من الفوائد الهامة والإيجابية التي تعود على الفرد وعلى المجتمع وعلى الإنسانية جميعها. منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:

· على مستوى الفرد، فإن التطوع خصوصًا للشباب وللخريجين أثناء أو بعد انتهاء الدراسة. مجال لاكتساب الخبرات العلمية والعملية والحياتية/ الإنسانية. فالمتطوع يتعامل مع زملاء له، ومع رؤساء في المنظمات والمؤسسات والهيئات التي يتطوع فيها. ويكتسب من الجميع معارف وخبرات في بناء العلاقات، وفي العمل، مثل: التخطيط، التواصل، والتنفيذ، والتنظيم… إلخ. مما يجعله قادر على بناء سيرة ذاتية جيدة تساعده في عملية إيجاد وظيفة أو عمل مستقبلاً.

· التطوع أيضًا يتيح لكل المتطوعين أن يحدثوا تغييرات مجتمعية للأفضل. من خلال ما يقدمونه للمجتمع من أفكار وخبرات ومسارات جديدة للبناء وللتفكير. فالتطوع لا يقتصر على فقط على تقديم المساعدات المادية أو العينية مثل: الإعانات المالية، الأدوية، الفحوصات الطبية، المواد الغذائية… إلخ. بل يمتد أيضًا إلى القيام بالتوعية، وإثارة التفكير، وتعديل التوجهات واتجاهات التفكير والمشاعر نحو القضايا الإنسانية المختلفة.

· أيضًا التطوع لا يخدم فقط المجتمعات والأفراد الذين يستفيدون منه. بل يخدم المتطوع في حد ذاته حيث أنه يؤثر عليه بشكل إيجابي صحيًا ونفسيًا وجسديًا. فالمتطوع يدافع أويناصر قضية إنسانية، وعندما يراها تنجح وتؤثر بالإيجاب في حياة الناس فهذا يشبعه نفسيًا. كما أن الجهد الذي يبذله المتطوع في مجال تطوعه يعود عليه بالنفع في صحته الجسدية المرتبطة بنفسيته. فثقته بنفسه ورضائه عن ذاته وعمله تزداد.

· المتطوع يشعر بالفخر عندما ينجح المجال الذي تطوع فيه. كما أن التطوع يكون بمثابة بوابة كبيرة يمكنه من خلالها دخول العمل العام والعمل السياسي إذا ما أراد. وإن كان الأساس في التطوع ألا يكون الدخول والمشاركة فيه لأي غرض أو مقابل مهما كان.

كيف يمكن أن أتقدم للتطوع؟

لكي يمكنك أن تستفيد من عملية التطوع، وتكون مفيدًا فيها في ذات الوقت. عليك أن تقوم بعمل التالي:

· يجب أن تحدد بالضبط ما أهدافك من التطوع؟ لماذا تريد أن تتطوع؟ حدد ما يمكنك تقديمه في فترة التطوع للمكان (المؤسسة أو المنظمة) الذي سوف تتطوع فيه؟ وأيضًا لا تنسى أن تحدد ما تريده من هذا المكان. ما الذي تحتاجه وهل يتوافر فيه أم لا؟

· قم بالبحث وبتدوين الفرص التطوعية المتاحة لك. سواء على المستوى الجغرافي، أو على مستوى التوافق مع ما ترغب من المجالات التي تريد التطوع فيها والخبرات التي يمكن أن تقدمها أو تستفيد منها أثناء عملية التطوع.

· ضع قائمة توضح ترتيب الأعمال التطوعية من حيث الأنسب والأفضل فالأقل، طبقًا لغرضك من عملية التطوع والقضايا التي تريد أن تقوم بخدمتها.

وذلك مثل أن تقوم بتحديد التالي:

1. الفرص التي يمكن من خلالها الاستفادة من مهاراتك، ويمكن أيضًا تعلم واكتساب مهارات جديدة فيها.

2. أي فرصة ممكن أن تساعد أكثر في تحقيق الأهداف المهنية و/ أو الشخصية الخاصة بك.

3. هل ما تسعى للتطوع فيه أو من خلاله يخدم القضية أو القضايا التي تؤمن بها وتحاول أن تعمل لدعمها أم لا؟

4. ما هي اهتماماتك وما هي قدراتك الشخصية والمهنية؟ قم بتحديدها وقارنها بما تحتاجه الأماكن التي تريد التطوع فيها أو من خلالها.

· وقبل أن تقدم للتطوع في أي مكان فلتقم بالسؤال عنه. تعرف ما ينشره على موقعه الإليكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به إن وجدت. لتعرف أكثر عن القضايا التي يتبناها والأنشطة التي يقوم بها والمجتمعات التي يخدمها.

· عند التطوع، يجب أن تعرف من المنظمة التي تطوعت فيها التالي: المهام والأنشطة التي ستقوم بتنفيذها أو تشارك فيها. المشرف أو المسئول عن مجال التطوع الذي سوف تشارك فيه. القواعد المنظمة للتطوع في المكان، وأجواء وظروف وأماكن العمل. ما تريده المنظمة منك وما تتوقعه من تطوعك. الفوائد التي سوف تعود عليك من التطوع في هذه المنظمة أو المؤسسة. وأخيرًا، تتعرف الصعوبات التي من الممكن أن تقابلك أثناء العمل التطوعي، ومن سوف يقوم بالمساعدة في تذليلها.

بعد أن تقوم بدراسة كل شيء عن عملية التطوع التي تريد القيام بها من حيث: قبل التطوع، أثناء التطوع، وأخيرًا بعد انتهاء مدة التطوع المحددة. سواء من خلالك أو من خلال المنظمة التي سوف تتطوع فيها. يمكنك البدء في عملية التطوع، والاستمتاع والاستفادة فيها ومنها.

وصايا هامة قبل الدخول في مجال التطوع

· يجب أن تشعر بالتفاؤل دائمًا، حتى تستطيع أن تعمل في الظروف الصعبة وتتحدى قلة الموارد والإمكانيات. فليس كل تطوع سيكون مكتبي، ولكن أغلبه يكون في المجتمعات الأكثر احتياجًا وفقرًا وإصابة بالنكبات.

· أيضًا، مع التفاؤل يجب أن تكون واقعيًا. فلا تبخس مقدار مهاراتك وإمكاناتك من ناحية فتعزف عن تقديم ما يمكنك عمله بإتقان ببعض الجهد. ولا تقدرها بأكثر مما هي عليه فتتحمل مسئوليات تفوق طاقتك ولا تقدر عليها فيصيبك بعض الفشل والإحباط.

· كن دائمًا مستمعًا ومصغيًا. فسوف تتعلم الكثير مما سوف تسمعه، وسوف تزيد معرفة من تلقي الإجابات على أسئلتك وأسئلة الآخرين في المناقشات والاجتماعات.

· احترام الاختلاف في الثقافات، والأديان، والتقاليد المجتمعية هام جدًا في التطوع. فأنت متطوع لخدمة الناس، ولكي تخدمهم يجب أن تملك قلوبهم. وهذا لن يحدث إلا إذا أبديت لهم الاحترام والحب. سواء لمن تطوعت لكي تخدمهم، أو للزملاء من المتطوعين أو العاملين معك.

وأيضًا يجب أن تتذكر

· الانضباط أيضًا شرط أساسي لعملية التطوع. فليس معنى كونك متطوعًا في منظمة أو مؤسسة ما أن لا تلتزم بالمواعيد أو بالخطط أو بالأساليب والطرق التي يؤدى بها العمل في المنظمة أو المؤسسة. فالإنضباط دليل من أدلة الاحترام والتقدير. كما أن المتطوع المنضبط يُعتمد عليه ويتم الوثوق فيه ويصبح مرشحًا دائمًا للعمل إذا ما كان هناك حاجة إلى توظيفه.

· يمكنك ألا تتقيد بالتتطوع في مكان أو مجال واحد. وأن تتطوع مع تنظيم وقتك وجهدك في أكثر من منظمة ومكان وفي أكثر من مجال. ولكن عليك الالتزام والانضباط حتى يكون تطوعك ناجحًا لك وللمكان الذي تطوعت فيه. وذلك يستلزم أيضًا تنظيم جهدك ووقتك.

· أثناء التطوع يمكن أن تواجهك بعض الصعوبات، العوائق، أو المشكلات. فلا تخجل من الحديث عنها مع المسئول عنك في المنظمة أو المؤسسة. فلسوف يزودك بالخبرات ويساعدك في التغلب عليها، ويمد لك يد العون. أو ربما يعفيك من المهمة ويوجهك لعمل آخر أو مهام أخرى تكون مناسبة لك.

· أيضًا من أهم شروط التطوع، أن تحترم وتلتزم بسرية المعلومات والبيانات التي سوف تصل إليك أثناء العمل التطوعي. فإنه لا يجوز على الإطلاق الإفصاح عن سرية بيانات الأفراد ومعلومات حول العمل بشكل قد يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسة التي تتطوع فيها.

نماذج لأماكن ومنظمات/ مؤسسات تتيح فرص للتطوع

· الجمعيات والمؤسسات الأهلية معظمها يتيح فرص للتطوع في جميع المجالات والأشكال: بالجهد، والوقت، والمال.

· ومن أشهر المنظمات والأماكن التي يمكن التطوع من خلالها في مصر: مؤسسة صناع الحياة، جمعية رسالة الخيرية، بنك الطعام المصري، هيئة كير الدولية، مؤسسة علمني Educate Me، مؤسسة مصر الخير… إلخ.

· أيضًا مؤسسات دولية مثل: الهلال الأحمر، الصليب الأحمر، أطباء بلا حدود، اليونيسيف، هيئة إنقاذ الطفولة… إلخ. جميعها تتيح فرصًا جيدة للتطوع.

· البرامج والمنظمات والوزارات الحكومية أيضًا توفر فرص للتطوع: برنامج حياة كريمة، وزارة الشباب والرياضة، وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة عبر مراكز الأسرة والطفولة والأمومة والحملات الصحية المتنوعة والمختلفة. الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، المجلس القومي للطفولة والأمومة… إلخ.

نماذج لمجالات يمكن التطوع فيها

· التعليم والتدريس ومحو الأمية

· التوعية: الصحية، الاجتماعية، القانونية، الثقافية، والدينية

· التدريب خصوصًا تدريب الأطفال على أعمال فنية كالرسم، والكتابة، والمسرح… إلخ.

· التدريب على الأعمال المهنية

· تنظيم الفعاليات: المؤتمرات، الرحلات، الاحتفالات… إلخ.

· الرعاية الصحية: الفحوصات الطبية، تقديم وتوفير الأدوية، رعاية المرضى، العمليات الجراحية…إلخ.

· توفير الغذاء والدواء

· توفير المسكن والمأوى. وتحسين المساكن المتاحة والظروف المعيشية للمحتاجين والمعوزين.

هذه بعض من مجالات التطوع بشكل عام، ولكن يوجد مجالات عديدة يمكن البحث عنها عبر الانترنت. أو بسؤال الجهات المعنية بدعم وتوفير فرص التطوع المختلفة على المستويين المحلي والدولي.

وأخيرًا، لقد قيل في التطوع

"أنت في الحياة بقدر ما تعطي، لا بقدر ما تأخذ"

فليكن قدركم أعظم قدر إذن، فالتطوع،،، حياة للشعوب

الكاتب

أسامة الأديب

بذور

بحث هذه المدونة الإلكترونية

التطوع،،، حياة للشعوب