حقوق الإنسان، ويومها العالمي
حقوق الإنسان: متى، لماذا، وكيف نحتفل ونحتفي بها؟
في
العاشر من شهر ديسمبر من كل عام، يتم الاحتفال والاحتفاء باليوم
العالمي لحقوق الإنسان The Human Rights Day. وهو أحد أهم الأيام
العالمية والدولية التي من خلالها يتم التوعية وتسليط الضوء على محتوى وثيقة
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. التي جائت بعد معاناة عالمية في الحروب
والإضطرابات والثورات. كتتويج للفكر الإنساني وتطبيق للقيم الإنسانية والدينية.
وكفلسفة أجمع عليها كل البشر من جميع أنحاء العالم ومن كل الأديان والألوان.
وفي هذا المقال سوف نتعرف على: فكرة الأيام العالمية، تاريخ حقوق الإنسان، وكيف يمكن أن نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ولماذا.
فكرة الأيام العالمية والاحتفال بها
تقوم دول العالم بتخصيص
أيام محددة من كل عام للاحتفال والاحتفاء بمناسبات، أحداث، وقيم معينة. وذلك بغرض
نشر الوعي والمعرفة بهذه المناسبات، الأحداث، والقيم المقصودة. وهي الأيام أو
المناسبات التي تسمى بالأيام العالمية أو الدولية التي تحتفل فيها وبها هذه الدول
سواء على مستوى قومي، دولي وإقليمي، أو عالمي. ومن أمثلة هذه الأيام العالمية/
الدولية التي يتم الاحتفال والاحتفاء بها: اليوم العالمي للماء، يوم السلام
العالمي، يوم اليتيم، يوم اللغة الأم، اليوم العالمي للتوحد… وهكذا.
وتهتم الدول والمنظمات المحلية والعالمية المعنية بالاحتفالات بهذه الأيام كل في اختصاصه. ويكون الاحتفال مرتكزًا على رفع الوعي بالقضية أو الموضوع أو القيمة التي يتم الاحتفال بها. وهي في العادة تكون قيمة إيجابية يجب نشرها والاعتناء بها. أو شيئ سلبي لابد من مكافحته والحشد ضده لمحاربته مثل مكافحة الفساد، والقضاء على الفقر، والحد من التلوث… إلخ.
نبذة عن تاريخ حقوق الإنسان
بدأ الاهتمام بحقوق
الإنسان مع بداية نشر الأديان وظهور الرسل والأنبياء والكتب المقدسة. ولكن بدأ
الاحتياج لها أكثر مع تعميمها وتفسيرها ووضعها في إطار قانوني بعد قرون من
الصراعات والحروب والثورات. تلك التي قُتل فيها ملايين البشر على مستوى جميع الدول
والقارات المعروفة خصوصًا ما يطلق عليها قارات العالم القديم: آسيا، أفريقيا،
وأوروبا. وفي العصر الحديث كان للأمريكتين باع طويل ومدمر في الحروب
والثورات والصراعات داخليًا وخارجيًا.
وقد
كان للحربين العالميتين الأولى والثانية خلال الأربعينات والخمسينات من القرن
العشرين. أثرًا كبيرًا وواضحًا على الانتهاكات التي طالت الإنسان. والتي جاء بعدها
الاهتمام بتكوين الجماعات والحركات للمطالبة بالحقوق المختلفة.وكان من ضمن هذه
الحركات والجماعات على سبيل المثال: حركة حقوق المرأة، (حيث أن المرأة عانت من
فظائع وانتهاكات عنيفة جسدية وجنسية خلال الحروب). وحركة الحقوق المدنية
للأمريكيين الأفارقة، الذين خاضوا من قبلها حروبًا للتحرر من العبودية. ثم بعد
التحرر وعلى الرغم منه عانوا من التمييز العنصري على أساس اللون ضدهم. وهناك صور
من التايخ كثيرة تروي كيف كان الأمريكان الأفارقة غير مسموح لهم بالجلوس على مقاعد
المواصلات العامة. وكيف لم يكن مسموح لهم الدخول إلى الكثير من الأماكن العامة مثل
المطاعم، والمسارح، والسينمات والحدائق. وقد تم عرض هذا التاريخ كثيرًا على
الشاشات السينمائية والتليفزيونية فيما بعد.
بداية الحركات الحقوقية
وقد بدأت الحركات الداعية
إلى وجود حقوق للإنسان يجب احترامها وتقديرها والالتزام بها مع ظهور الفكر
الديمقراطي وتطوره. وخصوصًا بعد انتشار الحق في الاختيار والانتخاب أو ما يسمى بـ
“حق الاقتراع العام”. فبعد انتهاء الحربين العالميتين، بدأ التمهيد لوضع ما أُطلق
عليه “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
حيث بدأت بعض الحركات
المعنية بحقوق الإنسان ظهرت شرقًا في فترة السبعينات. وفي نفس الوقت ظهرت في الغرب
حركات داعية لحقوق العمال. وكان لهذه الحركات الدور الأكبر في أن “حقوق الإنسان”
تكون على قمة الأجندة العالمية. ففي عام 1919 وبعد انتها أحداث ومآسي الحرب
العالمية الأولى. تم إنشاء وتأسيس “عصبة الأمم”. والتي تطورت فيما بعد لتصبح
“منظمة الأمم المتحدة” وقد شملت عضوية الحكومات في جميع دول العالم بعدها.
وعصبة الأمم هدفت إلى الحد من أو منع الحروب، ونزع السلاح، ونشر الطرق الديبلوماسية والتفاوض في النزاعات بدلاً من الحروب. وقد دعمت عصبة الأمم العديد من دول العالم في نيل استقلالها والحصول على حقوقها. وأرست وعززت الكثير من الحقوق التي تم وضعها فيما بعد في الإعلان العالمي الخاص بحقوق الإنسان.
وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبداية تفعيله
وفي عام 1948 بعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية. تبنت منظمة الأمم المتحدة من خلال جمعيتها العامة ما يسمى
بـ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". كإعلان "غير ملزم" لكنه يؤكد على ضرورة تعزيز
جميع أنواع الحقوق الإنسانية: السياسية، الاجتماعية، التعليمية، الاقتصادية،
والمدنية. حيث أنه طبقًا للإعلان فإن هذه الحقوق موضوعة بغرض تأسيس ونشر الحرية
والسلام والعدالة في جميع أنحاء العالم. وقد شارك في وضع هذه الوثيقة خبراء
واستشاريون من جميع أنحاء العالم، وممثلون عن كافة الأديان. طبقًا لما نصت عليه
مقدمة الإعلان في عام 1948.
جدير بالذكر أنه هناك 3
دول لم تعلن الموافقة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حين تم وضعه. وهذه الدول
هي: الاتحاد السوفيتي الذي لم يكن يتبنى الديمقراطية وكانت تحكمه الشيوعية والفكر
الاشتراكي. ودولة جنوب أفريقيا التي كانت تعاني من العنصرية والتمييز العنصري بين
البيض والسود. وأخيرًا المملكة العربية السعودية.
وقد انتهى الأمر فيما بعد بأن تم قبول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جميع الدول تقريبًا. على أساس أنه عقد تم إبرامه بين الحكومات المختلفة وشعوبها. فقد أصبح الإعلان هو الأساس الذي تُستمد منه القوانين والدساتير موادها من أجل إضفاء الحماية لحقوق الإنسان. وقد اتسع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكي يشمل فئات أخرى عديدة. مثل: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، حقوق المهجرين/ المهاجرين، وحقوق الشعوب الأصلية. وأصبحت أيضًا وثيقة الحقوق هي أكثر وثيقة تم ترجمتها إلى جميع اللغات في العالم.
متى
بدأ الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان؟
منذ أن تم الإعلان عن اعتماد الأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948. ويتم الاحتفال به في نفس الموعد من كل عام. حيث يتم التوعية بمواد وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الذي يتآلف من ديباجة (مقدمة) بالإضافة إلى 30 مادة تنص على الحريات الأساسية والحقوق الإنسانية جميعها. التي يجب أن يكون متمتعًا بها أي فرد/ إنسان في العالم أينما كان وفي أي وقت.
وهذه الحقوق للجميع بدون أي وجه من أوجه التمييز: كالنوع أو الجنس (ذكر/ أنثى)، اللون، الجنسية، الأصل العرقي أو القومي، اللغة أو الدين، أو أي شيئ أو وضع مختلف. فالحقوق هي جزء من إنسانيتنا مهما كنا أو أصبحنا.
لماذا يتم الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان؟
يتم الاحتفال بالأيام العالمية بشكل عام كما أسلفنا للتوعية ولتسليط الضوء على موضوع اليوم أو الاحتفال. وفي الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يتم التوعية بهذه الحقوق. وبطيفية المطالبة بها والحفاظ عليها ورعايتها كجزء من إنسانيتنا ووجودنا.
والعام الحالي، 2021، يتم
الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان من خلال التوعية بـ وتسليط الضوء على أحد
الحقوق الأساسية والهامة. مع ملاحظة أن كل الحقوق أساسية وكلها هامة. ألا وهو الحق
في “المساواة”. وهو ما تنص عليه المادة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
على النحو التالي،
"يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء".
ففي استراتيجية الأمم المتحدة 2030 تأكيد على دعم قيم المساواة وعدم التمييز بين البشر. حيث أن في هذا "صميم حقوق الإنسان".
كيف يتم الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان؟
الاحتفال باليوم العالمي
لحقوق الإنسان يجب أن يحظى بوضع خاص في كل مكان. حيث أن محتوى هذه الوثيقة الهامة
في تاريخ البشرية يجب أن يتم إعلانها ونشرها على أوسع نطاق وفي كل مكان وبين جميع
البشر. الأطفال لابد وأن يعرفوا حقوقهم كبشر من خلال وثيقة اتفاقية حقوق الطفل،
التي هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. والكبار أيضًا من الشباب والراشدين يجب أن
يقرأوا ويتعرفوا حقوقهم التي تنص عليها الاتفاقيات وأن ينشروها بمختلف الوسائل
ويقودون التوعية بها.
وتأتي الأنشطة والفعاليات
المختلفة الفنية والأدبية… إلخ. من الأهمية لدعم وتعزيز الوعي بالحقوق. وأيضًا
تسليط الضوء والتأكيد بالتفصيل على مكافحة ورفض أي انتهاكات لحقوق الإنسان كافةً.
ومن أمثلة الأنشطة والفعاليات التي يمكن تنظيمها وممارستها:
·
تنظيم لقاءات رفع الوعي، والندوات الأدبية
والصحفية.
·
كتابة ونشر التقارير الخاصة بمدى استيفاء هذه
الحقوق على مستوى العالم. والتوعية بكيفية رصد أي انتهاكات والمطالبة بالدعم
والتعزيز للحقوق.
·
إنتاج أفلام تثقيفية وتوعوية بالحقوق والواجبات
بناءًا على الموادالمتنوعة داخل الوثيقة
·
تنظيم وإقامة معسكرات للأطفال للتوعية بالحقوق
ولممارسة أنشطة متنوعة فنية وثقافية تتحدث عن الحقوق المختلفة
·
تفعيل دور المراصد الحقوقية في جميع أنحاءء
العالم وفي كافة المؤسسات
·
غرس أفكار ومواد حقوق الإنسان داخل المناهج
الدراسية (وهو ما يحدث بالفعل في المناهج المصرية). لكي يتعرفها تلاميذ المدارس
ويناقشونها ويرصدون كيف يتم الوفاء بها حولهم سواء داخل المدرسة أو في المجتمع
المحلي. ويتم تثقيف وتكوين الأطفال منذ نعومة أظفارهم على فكرة الحقوق والواجبات.
·
حقوق الإنسان تمس الجميع، وتخص كل المجالات.
لذلك فيمكن الاحتفال بها في الإعلام، في المراكز الثقافية والأحزاب السياسية. في
المستشفيات ومراكز الرعاية والأمومة ومراكز رعاية الطفل. وكل فيما يمكنه أن يقدم
من أنشطة لابد وأن يعلن إيمانه وتمشي أنشطته طبقًا لحقوق الإنسان. سواء في
المعاملة مع المستفيدين، أو في الخدمات التي يتم تقديمها.
الإبداع كثير في طرق
الاحتفال بالأيام العالمية، والأهم أن يتم بحق زيادة وعي البشر أن لهم حقوق.
تحفظها لهم الأديان، والمواثيق والمعاهدات الدولية. والدساتير والقوانين المحلية.
والأكثر أهمية هو أن يعيش الناس وهم متمتعون بكامل حقوقهم في مساواة تامة وعدم
تمييز لأي سببٍ كان.
وجدير بالذكر أن الحكومة
المصري أطلقت ما يسمى بـ "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان". وذلك منذ
شهر سبتمبر الماضي. وتعتبر الحكومة المصرية أن مشروع "حياة كريمة" الذي
ينفذه صندوق تحيا مصر في القرى لهو أحد أنشطة تعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان. وذلك
من خلال خدمة الفئات المهمشة والأكثر احتياجًا.
تعليقات
إرسال تعليق