تأثير الكلام الجميل على الصحة النفسية

تأثير الكلام الجميل على الصحة النفسية للإنسان… لا أحد يمكنه أن ينكر تأثير الكلام بشكل عام على الإنسان وحياته وأفعاله. فالكلام، سواء كان سلبيًا أو جميلاً إيجابيًا، يؤثر على البشر حين يستمعوا إليه ويعتقدوا فيه. ويجعلهم إما ينقلون الجبال ويتخطون الصعاب ويتغلبون على التحديات حتى يصلوا إلى قمة النجاح. أو يجعلهم محبطون غير قادرين على الفعل، يائسون ويقودهم إلى الفشل العظيم.

لذلك، كان من المهم أن نتناول هنا عزيزي القارئ، بالعرض وبالشرح وبالتوضيح. أهمية ومدى التأثير الإيجابي للكلام الجميل على أفعال الأفراد وعلى صحتهم النفسية.

مفهوم الصحة النفسية

تُعرف الصحة النفسية للإنسان بأنها،

"هي مستوى الرفاهية النفسية أو العقل الخالي من الاضطرابات. وهي الحالة النفسية للشخص الذي يتمتع بمستوى عاطفي وسلوكي جيد."

والإنسان الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة، يكون قادرًا على أن يستمتع بالحياة ويساعد الآخرين على الاستمتاع بها. كما أنه يكون قادرًا على أن ينتج علمًا، وفنًا، ومنتجات مادية من كافة الأنواع ينفع بها نفسه ومجتمعه وكل من جوله.

والصحة النفسية يجب أن نعرف جميعنا أنها تؤثر سواء بالسلب أو بالإيجاب حسب الحالة التي تكون عليها. على جسد وبدن الإنسان، وعلى أدائه وعلاقاته وحياته بشكل عام. فكثير من الأمراض الجسدية لا يمكن شفائها لدى الأشخاص الذين يعيشون في قلق أو اكتئاب أو شك وتوجس وريبة وخوف. فالمعتل نفسيًا غالبًا ما يعاني من اعتلالات جسدية أخرى لا يمكن علاجها إلا إذا ما تم علاجه نفسيًا أولاً. ومن هذا تأتي أهمية المحافظة على الصحة النفسية للإنسان ودعم ثقته في نفسه وفي الآخرين وبث الأمل في نفسه ونزع اليأس والقلق والخوف والتردد منه.

تأثير الكلمة على الصحة النفسية للفرد، قصة سباق الضفادع

يُحكى أنه كان هناك سباق للضفادع لكي يصلوا إلى قمة جبل ما. وأن هذا السباق اشترك فيه عددًا كبيرًا من الضفادع وشاهده على طول الطريق عددًا أكير من الجمهور. وكان كلما اقتربت قمة الجبل أن تساقط الضفادع المتسابقين إنهاكًا وتعبًا لطول الطريق حتى بقي ضفدع واحد ظل يجاهد في سبيل الوصول إلى القمة. وكان كلما بذل جهدًا تتطاير حوله الكلمات من الجمهور الذي كان يصرخ ويقول:

صعب الوصول إلى القمة
لا لا… مستحيل أن يفعلها
أنه سوف يسقط كما سقط الآخرون
ليس من الإمكان الوصول إلى هذه القمة البعيدة.
إنه لن يستطيع الصمود، هو ليس بالضفدع القوي
سوف تخسر، فلماذا تتعب نفسك وتبذل مجهودًا لا طائل منه؟

وهكذا ظلت الكلمات غير المشجعة والمحبطة تتطاير حول الضفدع الذي كان يعاني من التعب لكنه ظل يواصل. حتى استطاع بالفعل أن يصل إلى القمة ويقف عليها وينظر إلى الجمهور من فوق وهم يلوحون ويهتفون. فيقوم هو بالإشارة إليهم بعلامة النصر.

وبعدما هبط من فوق القمة قامت البرامح الإذاعية والتليفزيونية باستضافته للحديث حول كيفية تمكنه من الصعود والفوز. رغم كل الصعاب وطول الطريق وارتفاعه وكلمات الإحباط والتخويف الني كان يسمعها من الجمهور طول الطريق. فاكتشفوا حين اسنضافوه وسالوه أن الضفدع “أصم” لا يمكنه أن يسمع ولم يسمع ما قيل طوال الطريق. بل أنه، وقد حدثهم بالإشارة، كان يظن أن الجمهور يشجعه ويدفعه للمواصلة.

العبرة من القصة

للكلمات تأثير كبير على الأفراد، خاصةً الكلمات الجيدة والجميلة المشجعة والمحفزة. فالكلمة الجميلة يمكنها أن تساعد الإنسان أن يكون قويًا في نفسه ويثق فيها. أن يكون مبتهجًا ومبهجًا. أن يستطيع إنجاز وتحقيق ما يصعب إنجازه وتحقيقه لأنه بالكلمة الطيبة الجميلة آمن في قدراته وتغلب على يأسه وثابر حتى وصل إلى النجاح وقمته. ولقد كان الضفدع في القصة “أصم” لذلك لم يسمع أو يستمع لكلمات الإحباط من حوله. بل ظن أنها كلمات وإشارات تشجيع وأعطاه ظنه هذا الدافع للمواصلة وعدم النظر للخلف إلى من تساقطوا حتى ارتفع عن الكل وصار هو المتواجد على القمة.

تأثير الكلام الجميل على الإنسان وعلى صحته النفسية

قالت لي فتاة يومًا، “إذا أردت تعديل شيئ ما في يومًا، فلا تقل لي ذلك بشكل مباشر. لا تطلب مني تعديل شيئ سلبي يكون فيَّ بذكره وإبرازه وإعلانه. بل قل لي ما الجميل الذي أمتلكه فأستمر عليه، وأكد لي دائمًا أنني أمتلك الجمال بوصفه. لا تقل لي يومًا أني مثلاً “أصبحت سمينة”. بل قل لي “جسدك رائع وسوف يكون أروع لو فقدتِ بعض الجرامات لكي ترتدي كل ما تريدين من ملابس”.

ويتضح من الوصية التي أوصتني بها هذه الفتاة، ومن الدراسات النفسية المختلفة أن:

الكلام الجميل يؤثر على الإنسان وصحته النفسية ويجعله يأتي بكل فعل جميل.
الإنسان يمكن أن يتغلب على أي شيئ وأي صعاب إذا ما وثق في نفسه، وأن الكلام الجميل الذي يسمعه من الآخرين يساعده في اكتساب هذه الثقة.
الكلام الجميل يساعد الإنسان للتغيير إلى الأفضل، لأنه سوف يكون في اشتياق لأن يستمع إليه مرات ومرات.
الصحة النفسية للإنسان تتأثر إيجابًا بالكلام الجميل الذي يعزز القوة النفسية ويحارب القلق والخوف. ويساعد في أن يخرج الإنسان من دوائر الإحباط والتردد.
الكلام يؤثر على النفس وعلى الروح، وبالتالي على الجسد وصحته. لذا إذا كان الكلام جميلاً فإن أثره سوف يكون جميلاً أيضًا.
الجميل من الكلام يعطي طاقة إيجابية للمستمع له، ويحعله يشعر بالسعادة
تربوييًا، الكلام الجميل وكلمات التشجيع والاستحسان تساعد الطفل في تحسين أداءاته الدراسية والحياتية وتحسين سلوكياته للأفضل.
الكلام الجميل يجعل صاحبه/ قائله محبوب ومرحب به دائمًا بين الزملاء ووسط الجماعات/ المجموعات البشرية.

وأخيرًا أعزائي القراء

يقول القرآن الكريم عن أثر الكلام الجميل في الإنسان،

"كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكُلها كل حين".

كما يقول عنه الأنجيل أيضًا،

"اللسان السليم ينعش كشجرة حياة، واعوجاجه يؤدي إلى انكسار الروح". وأيضًا "لا تخرج من أفواهكم كلمة فاسدة، بل الكلام الصالح للبنيان الذي تدعو إليه الحاجة، كي يعطي السامعين نعمة."

فالأديان، والخبرات الحياتية، وعلم النفس يؤكدان على أثر الكلمة الجميلة الطيبة في سلوك ونفسية الإنسان. لذلك علينا أعزائئ القراء أن نكون مشجعين لا محبطين، داعين للجمال بالقول وبالفعل لا ناشرين للإحباط واليأس. فالكلمة نور، والكلمة حب، والكلمة روح، والكلمة حياة كما هي قتل وموت.

وأرجو هنا أن تستمعوا معي إلى قصيدة عن “الكلمة” ومعناها كما ألقاها عددٌ من فناني الزمن الجميل. وهي قصيدة للأديب عبد الرحمن الشرقاوي تحت عنوان “أتعرف ما معنى الكلمة؟”

شاهد الفيديو

مع تحياتي وأمنياتي لكم أعزائي القراء بحياة جميلة ونفسية صحيحة دائمًا.

بذور

بحث هذه المدونة الإلكترونية