يوميات موظف مقهور (3)... المديرون السيئون!

 يوميات موظف مقهور...  


يوميات موظف مقهور (3)... المديرون السيئون!

منذ أن بدأت أكتب حول الذكريات في الأعمال المختلفة مع "المديرين السيئين". هؤلاء الذين أحدهم تسبب في انتحار موظف في شركة في منطقة التجمع الخامس قهرًا وظلمًا. أرسل لي عددًا من الأصدقاء وتحدث بعضهم معي حول خبراتهم السيئة التي مروا بها مع من يصح تسميتهم -وليس فقط يمكن- بـ "مديرين سيئين". ولذلك وجدت أنه من الأفضل أن أستمر وأكتب المقال الثالث في سلسلة "يوميات موظف مقهور". وسوف أسوق لكم ها هنا أعزائي القراء بعض القصص والحكايات عن القهر الوظيفي إحداها من السينما العالمية. والباقي من الحياة الوظيفية التي نعيشها وقد لا ننتبه إلى ما يحدث لنا أو لغيرنا فيها.

والآن، مع عدد من القصص والحكايات في الإدارة السيئة

 

(1)  رؤساء عمل مريعون أو فظيعون  Horrible Bosses

 هذا العنوان لفيلم أمريكي يحمل نفس الاسم. فيلم مكون من جزئين تم صدور الجزء الأول منه في عام 2011. وهو فيلم أميركي كوميدي يحكي عن 3 من الموظفين الأصدقاء الذين يحاولون الانتقام من مديريهم المريعون ومن الغلظاء من روؤساء العمل. هؤلاء الذين يحملونهم فوق طاقتهم ويستعبدونهم ويمنعونهم بدعوى حاجة العمل من ممارسة حياتهم العادية. وفي نفس الوقت يقفون عقبة في تحقيقهم لأحلامهم ويمنعون عنهم الترقيات التي يستحقونها بناءًا على جهودهم الحثيثة للترقي.

هذان الفيلمان قد يكونا من النوع الكوميدي، لكنهما يوضحان مثالب وسادية بعض المديرين. فيما يعرضان قلة حيلة بعض الموظفين في ظل عدم وجود قواعد وقوانين تحمي الموظف. وفي ل سيادة النفاق والمجاملات في الترقيات واختيار دائمًا من هم أقل من أجل السيطرة.

إما الإنتحار، أو قتل المدير كما يحدث في الفيلم الكوميدي

 

قد يقول قائل ويتسائل، لماذا لا يترك الموظف العمل في المكان الذي يجد فيه إدارة سيئة؟ ولكن الحق يقال ومن خلال الفيلم أيضًا سواء في الجزء الأول الذي صدر في 2011. أو في الجز الثاني الذي تم إنتاجه في عام 2014. فإن فرص العمل في بعض الأوقات تكون قليلة وعزيزة. وليس كل فرد بقادر على أن يبدأ من جديد في مكانٍ آخر جديد. كما أن أي مكان في الوقت الحالي عندما يقوم بتوظيف شخص جديد يسأل عنه في مكان عمله القديم بل ويطلب منه توصية مكتوبة.

يوميات موظف مقهور (3)... المديرون السيئون!


وفي الفيلم الذي نحكي عنه، في الجزء الأول نجد حوارًا بين الموظف الذي كان يستحق الترقية ولم يحصل عليها ومديره القاسي المتعجرف. حيث يقول له المدير، “وإذا تركت العمل في الشركة سوف لن أمنحك توصية للعمل في أي مكانٍ آخر. كما أني سوف أرسل للشركات الأخرى برسائل لن تجعلهم يستعينون بك أبدًا. بقائك هنا مرهونًا برضائي عنك، وخروجك أيضًا”. وكان هذا أحد أسباب القرار الذي اتخذه الأبطال الثلاثة الموظفين بأن يستعينوا بمجرم سابق وقاتل محترف لكي يتعلموا منه كيف يمكنهم التخلص من مديريهم وقتلهم.

 (2) المدير الفيل، من يقوم بسد الباب فلا يخرج هو أو يدع أحد يخرج


والقصة الثانية أذكرها لصديق كان يعمل في مكانٍ ما تحت قيادة مديره الذي لم يكن يتركه يحاول أو يبدع. وكان دائم التسلط عليه وعلى قراراته ومراقب له في كل شيئ. حتى أنه عندما اشتكى لأحدهم مما يعاني منه ومن عدم وضوح لمسئولياته والمطلوب منه في العمل. وأنه لم يأتي لكي يكون مجرد مساعد أو سيكرتير للمدير في حين أن هناك من يقوم بأعمال السكرتارية بالفعل.

أوضح له المستمع لشكواه بأن مديره هذا يشبه الفيل. ذلك الذي يقف في مدخل الطريق الضيق. لا هو بقادر أن يمر وينجح بنفسه. ولا هو يسمح للآخرين بان يمروا إلى الطريق الرحب وأن ينجحوا من ذواتهم. وهكذا الحال في الكثيرين من المديرين الذين يظنون أنهم فقط المنوط بهم النجاح. حتى وإن كانوا غير قادرين على الوصول إليه. فلا هم ناجحون، ولا يتركون من هم تحت إدارتهم ينجحون. ويظل الحال محلك سر!

يوميات موظف مقهور (3)... المديرون السيئون!


(3)  المدير الذي يتخذ قرارات عنك، ثم يبلغك بعدها وكأنه صنع لك جميلاً بينما هو يشمت فيك

 

صدمني أحدهم أيضًا كان يعمل في مدرسة خاصة حين حكى لي قصته مع مديرة المدرسة. فبعد عمله لسنوات واجتهاده في المكان وذيوع صيته لعلمه ونشاطه. جائت الفرصة لترقيته وأن يترك موقعه الوظيفي كمعلم. لكي يصبح مشرفًا على المعلمين في عدد من المدارس الخاصة التي تمتلكها نفس الهيئة. فما كان من مديرة المدرسة المشرفة عليه حين أخذوا رأيها في هذا أن أعلنت أنه سوف يرفض. لماذا؟ لأنه كمدرس يربح أكثر من المرتب الذي سوف يوفرونه له في منصبه الجديد. وبناءًا على هذا الكلام لم يتم ترقيته إلى المنصب الجديد. وتم اختيار شخص أخر أقل منه في المستوى وغير متخصص أصبح مشرفًا عليه وعلى زملائه الآخرين في نفس تخصصه وهو لم يكن يعلم بما حدث ودار من وراء ظهره.

حتى جاء يوم تواجد فيه المتابع الجديد غير المتخصص، ودخل وكتب تقريرًا عن آدائه وعمله لم يعجبه. وحين اشتكى من فحوى التقرير والأخطاء الموجودة فيه. قيل له أنهم كانوا يرغبون في الاستعانة به كمشرف على تدريس المادة التعليمية. لكن مديرته أفادت وأخبرتهم بأنه سوف يرفض لضعف المرتب مقارنة بما يكسبه في من الدروس الخصوصية وتفرغه للتدريس. وإن كانت الحقيقة أن تركه للعمل في المدرسة سوف يترك فيها فراغًا كبيرًا في المدرسة لأنه مسئول عن مادة أساسية. وعن نشاط تفوز فيه المدرسة بجوائز سنوية تمنحها مكافأة سنوية على تميز هذا النشاط في مدرستها على مستوى المحافظة، والجمهورية.

وجائت النهاية بعد معرفة هذه المعلومة بأن ترك صديقي المعلم هذه المدرسة والهيئة إلى مكان عمل آخر في نهاية العام. تاركًا لهم الجمل بما حمل ومعتمدًا على الله وعلى خبرته وسمعته التي جعلته مرشحًا في أكثر من مكان للعمل فيه والإنضمام إلى فريقه.

 (4) مديرك لن يتركك ترتقي لأنك تحمل الكثير من العمل والمسئوليات فوق كاهليك

 

وعلى نفس المنوال، حكى لي صديق كيف أنه تم حرمانه من ترقية كان يستحقها بجدارة وبشهادة الجميع في عمله. فقط لأنه كان مسئولاً عن عددٍ كبيرٍ من الأنشطة والمشروعات. وكانت الحجة لعدم ترقيته أنه سوف ينفرط العقد في العمل وسوف تنخفض كفاءة هذه المسئوليات. وجاؤوا ببديل له في الوظيفة الأعلى بشخص أقل من مرؤوسينه في مسئولياته المتعددة لكي يرأسه في العمل. حتى أنه كان يقوم بتنفيذ أعماله وأعمال رئيسه الجديد في البداية لعدم خبرته ومعرفته بما هو مطلوب منه. وبعد شهور كان صديقي قد عادر العمل غاضبًا مما وجده من ظلم، وقد استقالته. والعجيب أن مسئولياته قد تم تعيين 3 موظفين جدد لإدارتها يحصلون على 3 أضعاف راتبه. في حين أنه كان يقوم بكل هذا ولا يحصل سوى على راتب ومكافأة بسيطة أقل من ربع راتب مقابل كل ما كان يقوم به من عمل.

يوميات موظف مقهور (3)... المديرون السيئون!

 (5) المدير الذي منذ البداية يقوم بتهديدك أنه سوف يعقد لك أمورك لكي لا تنتقل بشكل مريح للعمل في مكانٍ آخر.

 

وعلى غرار فيلم روؤساء عمل فظيعون الذي ذكرناه في القصة الأولى. حكى لي صدق أنه اختلف يومًا مع مديره، ولما وجد أنه لن يستطيع الاستمرار في العمل تحت إدارته. أعلنه أنه سوف يترك العمل ويتقدم باستقالته لو لم تتغير وتتبدل المعاملة. فما كان من مديره إلا أن هدده بالقول، "أي شخص سوف يسأل عنك ويطلب رأينا فيك وفي مهاراتك وقدراتك سوف نشهد أنك غير كفء وغير جدير بالثقة. سوف لن تجد مكانًا جديدًا للعمل فيه وسوف تندم على ترك العمل معنا."

ورغم هذا التحذير وهذا الكلام الانتقامي لرفض العمل مع شخص ومدير سيئ. أصر صديقي طبقًا لروايته على موقفه. وانتهى به الحال بأن ترك العمل لمكانٍ أفضل وبراحٍ أوسع في المعاملة والدخل المادي.

(6) مديرك بنظام، حسنة وأنا سيدك

 

بدأت العمل في هذا المكان كمتطوعة بعد أن انتهى عملها السابق ولم تجد في صداقاتها وعلاقاتها الكثيرة من يعينها للعمل في مكان جديد. وفي هذا المكان استطاعت بأسلوبها الناعم وكلامها المعسول وابتساماتها فقط أن تؤسس لعلاقات جديدة. علاقات جعلتها محط الأنظار وموضع ثقة وواجهة في الأنشطة الخارجية للمنظمة. وحين بدأت المنظمة مشروعًا جديدًا، احتاروا كيف سوف يكون وضعها في المشروع لكي يستفيدوا منها. وقد هداهم التفكير إلى أن يضعوها رئيسًا لمجموعة تقدم خدمات هي لا تعرف عنها شيئ ولم تمارسها من قبل.

فكان الحل أن قاموا بطمئنتها وجاؤوا بشخص أكثر خبرة منها ووضعوه معها في الفريق الذي جعلوها هي رئيسته. ومع مرور الوقت ظهر جهلها واتكالها على من هو أكثر منها خبرة في المجال. بل كانت تقود الاجتماعات وهي تنتظر منه الحديث والقرار والعمل والإعداد لكنها هي التي كان يجب أن تظهر وأن تدير. فهي مسماها بالطبع “المدير”. واستمر الحال لبعض الوقت، ولكن… كان الجميع في الداخل وفي الخارج يعرف من يقوم بالعمل ومن يدير بالفعل. وبأنها تتعلم وإذا ما تُركت وحدها لأداء العمل سوف لن تعمل أو تنتج في ظل عدم وجود خبرة أو علم في المجال الذي تديره.

ومع تزايد الاهتمام والطلب على الموظف الخبير في المجال وتوجيه الحديث إليه في الاجتماعات. وطلب استشارته في العمل بينما يتم تجاهلها هي لمعرفة الكل من حولها بقلة خبرتها ومعرفتها. بدأت تحفر له الحفر وتضيق عليه الخناق وترسل الشكاوى ضده مرة لتأخره في تسليم مهمات تحتاج لوقت أطول مما أتي له. ومرة لعدم رده على اتصالات في أيام الإجازة واعتبار هذا تجاهلاً منه. ومرة بأنه غير مرتاح في وضعه الراهن وأنه يرى أنه يستحق الأفضل وهذا يؤثر على آدائه في العمل. وهكذا وهكذا من الشكاوى.


النهاية، والموظف المجتهد الخبير يترك العمل

 

 

تكررت الشكاوى بأكثر من طريقة وفي أوقات مختلفة كثيرة. مرات في صورة شكاوى صريحة، ومرات في صورة تقييم للشخص أكثر منه للعمل. فهي بالطبع لم تكن تستطيع تقييم العمل وإلا ظهر جهلها وانعدام خبرتها وعلمها به. حتى جائت النهاية حين طُلب منه إعداد وتجهيز أعمال للمشروع حتى نهايته في وقت قصير رغم أنه متبقي أكثر من عام للنهاية. فتعجب من الطلب وتجس خيفة من طريقة طلبه والاستعجال لتنفيذه. لكنه آثر السلامة وقام بالتنفيذ ولحفظ حقه الأدبي والمعنوي قام بكتابة اسمه على كل ما قام بتسليمه من أعمال نفذها بمفرده. وكانت هذه هي القشة لتي قصمت ظهر البعير وأظهرت حقيقة النوايا. حيث وجد أنها قامت بشكوته بشكل رسمي وطالبت بالتحقيق معه لكتابه اسمه على ما أنتجه من أعمال وتغافل وجودها.

وبالفعل، تم تشكيل لجنة للتحقيق. وفي التحقيق وَضَّحَ كل الحقيقة ووجه اللوم للجنة وللإدارة على مثل هذا التعيين وعلى المجاملة في الاختيار. وانتهى التحقيق إلى لا شيئ. واستقر رأي الخبير على أن يترك العمل في المكان ويترك لها المكانة غير المستحقة. وقد علم فيما بعد بأن نفس الحدث تكرر مع آخر بنفس الشكوى وبنفس الطريقة وعاشت المجاملات بالابتسامات وبالنفاق.


اقرأ أيضًا

من يوميات موظف مقهور (1)

من يوميات موظف مقهور (2)

تأثير الكلام الجميل على الصحة النفسية

#يوميات

#من_يوميات_موظف_مقهور

#إدارة

#قصص_إدارية




تعليقات