المعلم، رسول العلم والمعرفة…

يوم المعلم العالمي

قُم للمعلم وفِهِ التبجيلا … كاد المُعلم أن يكون رسولا

(أمير الشعراء أحمد شوقي)

المعلم، رسول العلم والمعرفة…


يوم المُعلم

أواليوم العالمي للاحتفاء بالمعلم، والذي يأتي موعده في الخامس من شهر أكتوبر من كل عام منذ أن تأسس سنة 1994. اليوم الذي أوصت به منظمة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية بهدف الإعلان عن تكريم وتقدير المعلمين. والدعوة إلى ضرورة العمل على تحسين أحوالهم وحل مشكلاتهم لكي يتمكنوا من آداء أدوارهم ومهامهم الخطيرة والعظيمة نحو الشعوب. ولم لا والمعلم هو رسول العلم والمعرفة.


المعلم عبر التاريخ (موجز)

  • في العصر الفرعوني

يعتبرحسي رع، الكاتب الجالس القرفصاء الموجودة صورته على ظهر العملة الورقية المصرية فئة 200 جنيه، هو أحد أشهر المعلمين المعروفين لدينا، والذين وصلت لنا أخبارهم من التاريخ الفرعوني. واهتمام الدولة بوضع هذه الصورة على أعلى فئة من الأوراق النقدية المتداولة ربما هو نوع من التقدير لقيمة المعلم والعلم.

وكان المعلم المصري في العصر الفرعوني يُطلق عليه لقبسباو، أيالنجمكناية عن نور العلم الذي يحمله ويبثه للمتعلمين من حوله. كما أن مهنة المعلم/ الكاتب كانت تمنحه الكثير من الامتيازات، وفرص الارتقاء الوظيفي والاجتماعي.

ولأهمية العلم وقدسيته كان يتم ممارسته منذ القدم في المعابد، وكان الآباء يوصون الأبناء بالاهتمام بهاقرأوا ما قاله الحكيم المصري القديم “خيتي” في وصاياه لابنه في حوالي سنة 1300 قبل الميلادلكي يشجعه على تحصيل العلم والمعرفة، والوصول إلى أن يصبح كاتبًا ومعلمًا كغاية أسمى

لاشيئ يعلو على الكتب. ليتني أستطيع أن أجعلك تحب الكتب. لا يوجد مهنة من غير رئيسٍ لها إلا مهنة الكاتب. فهو رئيس نفسه. إن يومًا تقضيه في المدرسة يعود عليك بالنفع.

وجدير بالذكر أن المدرسة في العصر الفرعوني كانت اسمها "بر-عنخ"، ومعناها "بيت الحياة"فالتعليم لدى المصري القديم كان هو الحياة، والمعلم هو النور في هذه الحياة.

  • في العصر الإسلامي

ارتبط التعليم منذ فجر التاريخ بدور العبادة وبرجال الدين. فالكاتب هو المعلم وهو أحيانًا الكاهن في المعبد، وهو القس في الكنيسة وفي الدير. وهو الشيخ في المسجد.

ومع بداية العصر الإسلامي، انتشرت الكتاتيب، سواء في المساجد أو في الكنائس. (نعم، كانت هناك كتاتيب في الكنائس رغم ارتباط لفظة "كُّتاب" في الأذهان بالمساجد حيث يحفظ الأطفال القرآن الكريم ويتلقون مبادئ القراءة والكتابة. ولكن في الدولة الإسلامية مترامية الأطراف، كان لغير المسلمين من اليهود والمسيحيين كتاتيبهم أيضًا لتعليم أبنائهم مبادئ الدين والقراءة والكتابة(

أو كانت الكتاتيب في بيوت المعلمين والمشايخ حيث يذهب إليهم عامة الأطفال. بينما الأعيان والأغنياء كان المعلمون في الأغلب يذهبون هم بأنفسهم لتعليم أبنائهم في قصورهم وضياعهم.

  • العصر العباسي

وفي العصر العباسي، أنشأت الدولة ما يسمىبالمدارس النظامية، نسبةً إلى الوزير العباسينظام“. حيث كان لهذه المدارس مباني مستقلة، وكانت توفر الطعام للطلاب وأماكن الإقامة للمغتربين. وكان المعلمون حاصلون على شهادات (إجازات) لكي يتمكنوا من العمل في مجال التعليم والتدريس في تلك المدارس نظير رواتب منتظمة.

كان هذا في العاصمة الإسلامية بغداد. إلا أن الكتاتيب ظلت تلعب دورها الهام في التعليم في باقي المدن، والقرى وجميع أنحاء الدولة مترامية الأطراف. وكان المعلم دائمًا ما يحظى بالحظوة والمكانة اللائقة وسط المجتمع المحلي الذي يعمل ويقدم خدمة التعليم فيه.

  • الجامع الأزهر

وبعد أن ذهبت الدولة العباسية، وتوالت الخطوب على العالم العربي. جاءت الدولة الفاطمية، التي أنشأت في مصر الأزهر الشريف، الجامع. والذي أصبح فيما بعد، وتحت رعاية الدولة، جامعًا وجامعة ومنارة للعلوم خاصةً الشرعية والدينية. ومنه كان يتخرج المشايخ الذين يقودون الكتاتيب ويقدمون التعليم فيها.

وكان مشايخ الأزهر قادة سياسيين أحيانًا بالإضافة إلى كونهم قادة تعليم وفكر ودين. وقد ظهر هذا جليًا في قيادتهم للشعب لمقاومة الاحتلال الفرنسي، والإنجليزي ودعمهم لتولي محمد علي باشا حكم البلاد ليبدأ عصر جديد في العلم والتعليم داخل مصر.

  • العصر الحديث، نهضة محمد علي

بدأ عصر محمد علي بالاهتمام بالتعليم، وإرسال البعثات العلمية للخارج من أجل تكوين معلمين قادرين على نقل المعرفة والعلم والتقدم الذي وصلت إليه أوروبا الحديثة. فقد آمن أنه لا تطور ولا تقدم ولا دولة قادرة على حماية نفسها والزود عن ثرواتها وإنتاج غذائها وكسائها وسلاحها إلا بالعلم والمعرفة.

وقد بدأ محمد علي نهضته بإنشاء المدارس المتخصصة والتعليم العالي مثل: المهندسخانة، والطب، والصيدلة، والولادة. مع المدارس الابتدائية. كما أنشأ  ديوان المدارس الذي هو بمثابة وزارة التربية والتعليم الآن.

وكان من أشهر المفكرين الذين شاركوا في البعثات التي أرسلها محمد علي إلى أوروبا، وإلى فرنسا على وجه الخصوص، العلامة رفاعة رافع الطهطاوي الشيخ الأزهري الذي نقل لنا الكثير من مظاهر الحياة في فرنسا والصدمة الحضارية التي تلقاها المبعوثون إلى هناك من المتعلمين. وقد تولى بعد عودته نظارة مدرسة الألسن التي اهتمت بتعليم اللغات وبالترجمة لنقل المعارف والعلوم الحديثة إلى اللغة العربية.

كما استعان محمد علي بالخبراء الأجانب في بناء وتأسيس المدارس والمعاهد والمصانع والمستشفيات أمثال سليمان باشا الفرنساوي الذي نقل العلوم العسكرية الحديثة، وكلوت بيك الذي أسس مدرسة الطب.

والدرس الذي تعلمناه من رائد النهضة الحديثة، محمد علي باشا، والذي لا زلنا ننتفع حتى الآن من الكثير من منجزاته. أنه بالعلم وحده، وبالاهتمام بالمعلم عن طريق تأهيله وتمكينه وإعطائه المكانة التي يستحقها ترتقي وتتقدم الأمم.

فالمعلمون هُم بناة الثقافة كما يقول العالم التربوي باولو فريري، وهم بالتأكيد بُناة الشعوب. وصلاح أحوالهم من صلاح الوطن.

  • المُعلم في الوقت الحالي

على الرغم من اهتمام الدولة بأمور التعليم، وبإنشاء الكليات والمعاهد التي تؤهل المعلم قبل أن يمتهن مهنة التدريس. وإنشاء مراكز التدريب والأكاديميات التي تساعد المعلم في النمو المهني. إلا أن أحوال المعلم ذاته في ظل ظروف اقتصادية صعبة لم تتحسن كثيرًا. بل أن صورة المعلم أيضًا قد تأثرت كثيراً بسبب ظاهرة الدروس الخصوصية التي يحاول بعض المعلمون، وليس جميعهم، تحسين أحوالهم

المادية من خلالها .

ونحن هنا لا ندافع عن خطر الدروس الخصوصية وآثارها السلبية على التعليم. ولا يمكن أن نخلق الأعذار لمن يمارسها من المعلمين بينما يقوم بالتقصير في آداء واجبه داخل المدرسة. أو يقوم بإجبار التلاميذ على أخذها. ولكننا نوضح أن للأمر وجوهًا كثيرة معروفة ولابد من معالجتها كلها لكي يعود للمعلم هيبته، وللعلم والتعليم قيمته.

ونؤكد، أنه ليس كل من يعملون في التعليم يقدمون الدروس الخاصة كتجارة. وأن معظم من يعمل في التعليم لا زال يؤمن بدوره كمربي، وبأهمية مهنته ورسالته في الحياة. والتي هيبناء الإنسان من أجل بناء الأوطان“.

فتحية لكل معلم ومعلمة على أرض الوطن في عيدهم!


اقرأ أيضًا





#المعلم
#اليوم_العالمي_للمعلم
#تاريخ_المدارس
#تاريخ_التعليم


















تعليقات