شجرة الدر، الجارية ذات الطموح!
من جارية إلى ملكة، ومن ملكة إلى الموت ضربًا بالقباقيب
شجرة الدر، الجارية ذات الطموح! من جارية إلى ملكة إلى موت بالضرب
بالقباقيب… هي القصة التاريخية عن الملكة المعروفة باسم “شجرة الدر” والتي كانت
تحكم مصر في عصر المماليك. وقد عاصرت بعض من الحروب الصليبية على بر مصر، وماتت أو
تم قتلها قبيل الهجوم المغولي بقيادة هولاكو على مصر. وهي القصة التي كتبها كرواية
ترصد تاريخ حياتها الشخصي المؤلف ابراهيم محمد حسن الجمل. ويتم تدريس هذه القصة في
المدارس المصرية لطلبة الصف الثالث الإعدادي كجزء من مادة اللغة العربية. حيث يتعلم
الطلبة طرق التعبير والحكي والأساليب الجمالية في السرد باللغة العربية. بالإضافة
إلى تعرفهم لقصة تاريخية تحمل معلومات وأفكار وربما نقد -وهذا ما أتمناه دومًا-
للأحداث والقرارات التاريخية التي تم اتخاذها في مواقف ما عبر التاريخ.
فما هي قصة شجرة الدر وما ملخص أحداثها؟ هذا ما سوف نتعرفه بشكل ملخص
خلال هذا المقال بإذن الله.
نبذة عن الكاتب، من هو المؤلف ابراهيم محمد حسن الجمل؟
هو المولود في واحدة من قرى محافظة المنوفية في جمهورية مصر العربية.
وقد درس وتخرج من كلية الريعة في جامعة الأزهر العريقة وذلك في عام 1953.
وهو خلال مسيرته في عالم الكتابة والتاليف قد أنتج أكثر من 30 كتابًا. معظمها في
التاريخ والدين الإسلامي سواء كانت أدبًا أو دراسات. ومنها: رواية “طموح جارية”،
وزوجات النبي وأسماء بنت أبي بكر… إلخ. من الكتب وكتب التراث التي قام بتحقيقها.
وبخصوص قصة شجرة الدر المسماة بطموح جارية. فلا يمكن أن يتم دراستها
بمعزل عن التاريخ، وأيضًا لا يمكن أن نتخذها كوثيقة تاريخية. فهي عمل درامي تاريخي
لا عمل تاريخي بشكل علمي. لذلك فقد أغفل الكاتب بعض الحقائق ولم يذكرها عن شجرة
الدر. وأيضًا من أجل متطلبات الدراما والحبكة الروائية/ القصصية فقد أضاف وعدل في
بعض الأخبار والأحداث. بما لا يخل بالحقائق التاريخية أو بشكل يصل إلى التزييف أو
التحريف والكذب عن التاريخ.
لذلك فأي قارئ للقصة يجب عليه أن يقرأها حسب جنسها الأدبي كقصة أكثر منها كنص أو وثيقة تاريخية.
شجرة الدر، الجارية ذات الطموح! ما هي قصتها؟
طبقًا لما هو منشور على الموقع الموسوعي ويكيبيديا. فإن شجرة الدر (أو
يطلق عليها أيضًا شَجر الدر بتذكير
كلمة شجرة). لها اسم آخر أو لقب معروفة به في كتب التاريخ هو “عصمة الدين أم
خليل”. وهي غير معروفة المنشأ بالتحديد حيث بقال أنها من خوارزم، وأحيانًا من
تركيا، وأحيانًا أخرى من أرمينيا.
وهي جارية، في عصر المماليك، اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب.
الذي قام بعتقها وتزوج منها وقد أنجبت له ابنه “خليل”. والذي توفاه الله في سنة
1250م. ومن المعروف عنها كقصة تاريخية مشهورة. أنها حين كان جيش الصليبيين يهاجم
البلاد، وكان زوجها السلطان مريض ثم مات. قامت بمنع نشر الخبر حتى لا يصل إلى
الأعداء فيقويهم. ويصل إلى جنود جيش الدولة وقادته فيضعف من عزيمتهم ويجعلهم
يخسرون الحرب ويحتل الصليبيون البلاد. وقد كان لهذه الفعلة أثرها في دحر وهزيمة
الصليبيين وانتصار جيش المماليك وحماية مصر من الغزو.
توليها سلطة البلاد جلوسها على العرش
تولت شجرة الدر حكم البلاد بعد الإعلان عن وفاة زوجها السلطان الصالح
نجم الدين ايوب. ولم تستمر على العرش في سدة الحكم لأكثر من 80 يومًا كان يساندها
فيها المماليك والأعيان ويبايعونها. بعد أن تعاونوا معها في التخلص من السلطان
توران شاه بالقتل. حيث قتله أحد قادة المماليك وأح زعمائهم، أقطاي.
وبعد أن تزوجت شجرة الدر من أحد قادة المماليك الكبار وهو المعز أيبك
(ويطلق عليه في الدراما عز الدين أيبك). لكي تتنازل عن الحكم والعرش له بعد إعلان
الزواج. هذا الزواج الذي تسبب في قتلها من ضرتها ( الزوجة الأولى لزوجها المعز أو
عز الدين أيبك) بطريقة بشعة لم يذكرها مؤلف رواية “طموح جارية” في كتابه. لكنها تم
الإشارة إليها في الفيلم الشهير “واإسلاماه” الذي
قامت بأداء دور شجرة الدر فيه الفنانة الرائعة تحية كاريوكا. والذي كتب قصته
الروائي والأديب علي أحمد باكثير في راية تحمل نفس الاسم، “واسلاماه”.
ما لم تذكره الرواية المدرسية أيضًا
كما سبق وأن ذكرنا، أن الرواية أو القصة التي يتم تدريسها في المدارس
للصف الثالث الإعدادي لم تذكر حادثة قتل شجرة الدر. وأيضًا لم تذكر لماذا اضطرت
شجرة الدر إلى التنازل عن العرش لزوجها الثاني عز الدين أيبك. حيث يذكر التاريخ أنه
بعد دحر الحملة الصليبية السابعة وهزيمتها. ثار المصريون بقيادة العلماء والمشايخ
ضد حكم شجرة الدر لكونها امرأة. وقد رفضوا أن تتولى امرأة الحكم على الرغم من النجاح
الذي حققته في إدارة شئون البلاد وفي حمايتها من المخاطر الخارجية والغزوات.
كما رفض الأيوبيون ذلك بعد أن تيقنوا من وجود صلة بينها وبين مقتل
توران شاه. أما الخلافة العباسية التي كانت تتبعها الولاية المصرية فقد رأت في
ذلك، قياها بحكم البلاد، عيب. حتى أن الخليفة العباسي كتب إلى الى المماليك يقول،
"إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فاعلمونا حتى نسير إليكم رجلاً"
ولهذا السبب اضطرت شجرة الدر القبول بالزواج من عز الدين أيبك قائد
المماليك. وقد ظنت أنها تستطيع أن تحركه كيفما تشاء وكأنها لا تزال تحكم البلاد
ولكن من خلف ستار.
ولكن لم ينصاع الملك المعز أيبك لرغبتها في السلطة واستقل بالحكم بعد
أن قام بالقضاء على كل معارضيه. سواء كان هؤلاء المعارضين من الداخل أو في الخارج.
فلجأت شجرة الدر إلى الحيلة ودبرت مقتله، فثار المماليك عليها واتهموها بقتله.
وأمسكوا بها وحملوها إلى زوجة عز الدين أيبك الأولى الشهيرة بأم علي لكي تنتقم
منها. فأمرت جواريها بقتلها فما كان منهم إلا أن ضربوها بالقباقيب حتى الموت. لكي
تنتهي قصة الجارية الطموحة “شجرة الدر”، والملكة التي رعت شئون الدولة بشكل جيد في
مدة قصيرة جدًا. ولا يزال الأمر مختلف عليه بشأن تولي امرأة للحكم في البلاد
العربية حتى الآن.
اقرأ أيضًا
#
تعليقات
إرسال تعليق