الإدارة بالنتائج أم الإدارة بالأهداف؟ مقارنة شاملة تكشف أيهما الأنسب لنجاح المؤسسات
في عالم الإدارة المعاصر، حيث تتسارع التغيرات وتزداد التحديات، تبحث
المؤسسات عن أساليب إدارة أكثر فاعلية تساعدها على تحقيق أهدافها
وتحسين أدائها. ومن أبرز هذه الأساليب التي أثارت جدلًا واسعًا بين الممارسين
والباحثين: الإدارة
بالأهداف (Management by Objectives –
MBO) والإدارة
بالنتائج (Management by Results – MBR).
كلا النهجين يسعى إلى تحسين الأداء المؤسسي، لكنهما يختلفان في
المنطلقات، في التركيز، وفي طرق التطبيق. فبينما تهتم الإدارة بالأهداف بتحديد ما
يجب تحقيقه على المدى الزمني، تركز الإدارة بالنتائج على تقييم المخرجات النهائية
ومدى تحقيقها للقيمة المطلوبة.
إعداد: د. أسامة رمزي
|
في هذا المقال، سنقوم بمقارنة شاملة بين النهجين، مع إبراز أوجه التشابه والاختلاف، مزايا كل منهما وتحدياته، لنستخلص في النهاية أيهما أنسب لمؤسسات اليوم في عصر التحول الرقمي والتنافسية العالية.
أولًا: مفهوم الإدارة بالأهداف
(MBO)
الإدارة بالأهداف هي أسلوب إداري يركز على صياغة أهداف محددة
وقابلة للقياس، يتفق عليها المديرون والموظفون بشكل مشترك.
·
المرتكز
الأساسي: وضوح
الأهداف وتحديدها مسبقًا.
·
المنهجية: صياغة أهداف استراتيجية
ثم تفكيكها إلى أهداف وظيفية وفردية.
·
الأداة
الرئيسة: مؤشرات
الأداء الرئيسية (KPIs) لقياس مدى
التقدم.
مثال: شركة تقنية تحدد هدفًا بإطلاق منتج جديد في غضون 6 أشهر بجودة
تلبي معايير معينة.
ثانيًا: مفهوم الإدارة بالنتائج
(MBR)
الإدارة بالنتائج هي نهج يركز على تحقيق النتائج الفعلية
والمخرجات الملموسة بغض النظر عن الطريقة أو الخطوات.
·
المرتكز
الأساسي: تقييم
ما تحقق فعليًا مقارنة بالتوقعات.
·
المنهجية: ربط الموارد والأنشطة
مباشرة بالنتائج.
·
الأداة
الرئيسة: قياس
الأثر النهائي .(Outcomes & Impact)
مثال: منظمة تنموية لا تكتفي بعدد ورش العمل التي نفذتها، بل تقيس
انخفاض نسبة البطالة كنتيجة مباشرة لبرامجها.
أوجه التشابه بين الإدارة بالأهداف والإدارة بالنتائج
1.
كلاهما يركز على تحسين
الأداء المؤسسي.
2.
كلاهما يعتمد على قياس
الأداء بشكل دوري.
3.
كلاهما يشجع على الشفافية
والمساءلة.
4.
كلاهما يربط بين
الجهود الفردية ونجاح المؤسسة.
أوجه الاختلاف بين الإدارة بالأهداف والإدارة بالنتائج
العنصر |
الإدارة
بالأهداف (MBO)
|
الإدارة
بالنتائج (MBR)
|
التركيز |
تحديد
الأهداف بوضوح مسبقًا |
تحقيق
النتائج النهائية والأثر |
البداية |
يبدأ
من صياغة الأهداف |
يبدأ
من تحديد النتائج المتوقعة |
المقياس |
مؤشرات
الأداء (KPIs) |
الأثر
والمخرجات الفعلية (Outcomes) |
المرونة |
أقل
مرونة إذا تغير السياق |
أكثر
مرونة لأنها تركز على النتيجة لا الطريقة |
الزمن |
يربط
الإنجاز بجدول زمني |
يربط
الإنجاز بقيمة مضافة أو أثر ملموس |
المسؤولية |
مسؤولية
مشتركة في تحديد الأهداف |
مسؤولية
جماعية عن النتائج النهائية |
المجال التطبيقي |
شائع
في الشركات والمؤسسات التجارية |
شائع
في المنظمات التنموية والقطاع العام |
مزايا الإدارة بالأهداف
1.
وضوح التوجه لكل
المستويات.
2.
تحفيز الموظفين
عبر إشراكهم في صياغة الأهداف.
3.
تحسين التنسيق بين
الإدارات.
4.
تسهيل الرقابة
والتقييم المرحلي.
تحديات الإدارة بالأهداف
1.
قد تصبح جامدة إذا
تغيرت الظروف الخارجية.
2.
التركيز على تحقيق
الأهداف قد يهمل الابتكار.
3.
صعوبة صياغة أهداف
واقعية قابلة للقياس دائمًا.
مزايا الإدارة بالنتائج
1.
التركيز على الأثر
الحقيقي لا الأنشطة فقط.
2.
مرونة أكبر في
مواجهة التغيرات.
3.
تعزز المساءلة
والشفافية أمام الممولين أو أصحاب المصلحة.
4.
مناسبة للمشروعات
التنموية والاجتماعية.
تحديات الإدارة بالنتائج
1.
قد يصعب قياس بعض
النتائج طويلة المدى.
2.
خطر تجاهل
العمليات إذا ركزت المؤسسة فقط على المخرجات.
3.
تحتاج إلى أنظمة
متابعة وتقييم قوية ومكلفة أحيانًا.
أيهما أنسب للمؤسسات اليوم؟
·
المؤسسات التجارية
تميل إلى الإدارة بالأهداف لأنها تسهّل التخطيط والإنتاجية.
·
المنظمات غير
الحكومية والقطاع العام يجدون الإدارة بالنتائج أكثر ملاءمة لقياس الأثر
الاجتماعي.
·
المؤسسات الهجينة
أو الحديثة غالبًا ما تجمع بين النهجين: تحدد أهدافًا واضحة (MBO) وتربطها بالنتائج النهائية (MBR) .
الإدارة بالأهداف والإدارة بالنتائج في عصر الرقمنة
التكنولوجيا الحديثة جعلت الدمج بين النهجين ممكنًا وسهلًا عبر:
·
أنظمة
إدارة الأداء الذكية.
·
أدوات
تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لقياس الأثر.
·
لوحات
متابعة رقمية تعرض التقدم لحظيًا.
هذا الدمج يتيح للمؤسسات المرونة والتكيف، ويضمن أن الأهداف ليست مجرد
شعارات، بل نتائج ملموسة تحقق قيمة حقيقية.
ختامًا
الإدارة بالأهداف والإدارة بالنتائج ليسا بديلين متناقضين، بل يمكن النظر
إليهما كأداتين تكمل إحداهما الأخرى. فالأهداف ترسم الطريق، والنتائج تثبت النجاح.
وعندما تتمكن المؤسسات من صياغة أهداف واضحة، مع التركيز على الأثر
النهائي، فإنها تضمن تحقيق ميزة تنافسية واستدامة في بيئة مليئة
بالتحديات.
إن السؤال الحقيقي ليس: أي النهجين أفضل؟
بل: كيف نوظف
كليهما معًا لنحقق أقصى قيمة لمؤسساتنا ومجتمعاتنا؟
تعليقات
إرسال تعليق